کد مطلب:350914 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:248

هل هناک حکم عقلی معارض
إنا لو أطلنا التفكیر فی هذا الشأن وأجلنا النظر فی أطرافه، لم نجد

برهانا للعقل یدفع ما سلف، ویهدم أساس ذلك البناء الرصین. نعم أقصی ما یمكن أن یدعی نهوضه للمقاومة، أمور ثلاثة: الأول - إن العقل یستعظم ذلك المقام، ویستكبر تلك المنزلة، حتی یكاد أن یلحق الزعم بالغلو. الثانی - لو كان علمهم حضوریا لالتمست آثاره، وسمعت أخباره. وكیف تخفی مثل هذه الخلة العظیمة؟ الثالث - أیة جدوی ملموسة، لو كانت لهم تلك الملكة النفسیة. وهم لا یقوون علی أعمالها؟ وأیة فائدة محسوسة. إذا كانوا علی تلك الصفة وهم لا یستطیعون أن یتظاهروا بها. الجواب عن الأول: إن الاستعظام أو الاستبعاد لیسا من البراهین لتقوم بدفع ما سلف علی أن مثل الاستكبار لو فرض وقوعه من العقل. فهو عند أول نظرة، وحین سلف علی أن مثل الاستكبار لو فرض وقوعه من العقل. فهو عند أول نظرة، وحین عروض هذه الخلة. قبل الرویة والسیر لما سجله العقل من الحجج وأتی به من الشواهد المقربة. ولو فطن إلی أن الحضوری ممكن بنفسه لا مانع من اتصافهم به بل



[ صفحه 35]



وكان الأجدر بهم. والأنسب لمقامهم، لما وجد مجالا للاستبعاد. ومحلا للاستعظام. وأما الغلو فلا مورد له. بعدما أسلفنا بیانه فی المقدمة الثالثة من الفرق بین علمه تعالی وعلم الإمام علی تقدیر كونه حضوریا. الجواب عن الثانی: إن مشاهدة الأثر لذلك العلم الحضوری لا یختلف فیه اثنان: إلا من یرید الحط من مقام الأئمة ودفع تلك المنزلة من العصمة. ومثل هؤلاء لا نقف معهم فی مثل هذا الموقف. ولا نخوض وإیاهم فی مثل هذا البحث. ونكران المشاهدة مكابرة محضة. ومن أین ذهب بعض الضعاف فی البصائر إلی القول بألوهیتهم لو لم یكن هناك ما یشاهدون من الآثار التی لم تتحملها عقولهم. وهذه كتب الفضائل بین یدیك تعطیك مثالا صالحا لذلك العلم. فكم أخبروا عما فات وعما هو آت. وكم حدثوا رجلا عما ارتكب من فعل وعما نوی فی نفسه واختلج فی صدره. ولولا الإطالة لأتینا لكل إمام من ذلك طرفا مستملحة. وإن الكتب المعدة لسرد أحوالهم أشارت إلی شئ من تلك النوادر، وكفی منها إرشاد الشیخ المفید، وكشف الغمة ومناقب ابن شهرآشوب، وأصول الكافی فی باب موالیدهم، وبصائر الدرجات والخرائج والجرائح وروضة الكافی: وجمع شطرا منها صاحب مدینة المعاجز.



[ صفحه 36]



الجواب عن الثالث: إن تلبسهم بتلك الخصال الكریمة وإن كان لنفع البشر، إلا أن الناس إذا انصرفوا عن نور الحق، وتسكعوا فی وهدة الباطل، بسوء الاختیار منهم فأی تقصیر یكون لمن تقمص بذلك الخلق الكریم، إذا لم یجد مساغا لإظهار علمه، وإبراز ما یحمل من الهدی والرشاد...؟ ولو صح مثل هذا النقض لبطلت النبوات والشرائع، لصفح الناس عن أولئك الهداة، وإعراضهم عن هاتیك الأحكام الإلهیة. بل لبطل خلق الخلق، لأنهم لم یعرفوا الحق كما یحق ولم یعبدوه كما یجب. نعم! لو ثنیت الوسادة لأولئك المرشدین لعرفت الناس منازلهم حقا ولظهرت آثارهم واضحة. ولكن كیف یمكنهم أن یعلنوا بما تضم جوانحهم، والناس مصرة علی الأعراض عنهم، وعدم الاهتداء بنورهم والانتفاع بعلمهم بل والسیوف مجردة فوق رؤوسهم، إن فاه أحدهم بمكنون علمه، أو أظهر كرامة، أو أقام حجة، لم یجد ما یشیم عنه ذلك الصارم، أو یقف دون حده. حتی أن الباقر علیه السلام قال: (لو كانت لألسنتكم أوكیة لحدثت كل امرئ بما له وعلیه.... وحتی قال الصادق علیه السلام لمؤمن الطاق: (یا بن النعمان إن العالم لا یقدر أن یخبرك بكل ما یعلم...) إلی كثیر من أمثال هذا.



[ صفحه 37]



فكانت المخاوف من جهة، وعدم تحمل الناس ذلك من جهة أخری، إلی ما سوی هذه الجهات، صوارفا فألهم إبداء ما منحوا من تلك الكرامة.



[ صفحه 41]